9/28/2024
أجدني في هذه الدنيا بين جنة تضيق عليّ برغم رحابتها، وجسرٍ من ضلعٍ اعوج يستمر في ميلانه حتى يصير الطريق إليه متعرجًا لا يهتدي فيه السائر. فحين جنتي، التي كنت أرى فيها ملاذًا وسكنًا، تغلق أبواب الرحمة في وجهي، وحين ضلعي الذي كان لي سندًا، يزيد اعوجاجه حتى تتيه روحي بين التواءاته، أجدني أخلق لنفسي عالمًا موازيًا.
في ذلك العالم، تصير الأحلام مروجي، والصمت سمائي. أزرع فيه اهتمامًا لا يذبل، وأبني ضلوعًا مستقيمة تسندني. أجد نفسي فيه بين أناس لا يشترطون الكمال، بل يحتفون بالروح الهائمة التي لا تجد مأواها في الواقع. هناك، حيث النقص يُكملني لا ينقصني، أستطيع أن أكون كما أشاء، وأن أجد ما أحتاج دون عتاب أو لوم.
وفي ذلك العالم الموازي، أجد في كل زاوية وجهًا لم أنظر إليه من قبل، لكنه يبتسم لي وكأنه يعرفني منذ زمن بعيد. هناك، لا أحتاج إلى كلماتٍ لأعبّر عن آلامي أو رغباتي؛ كل شيء يُفهم بالصمت الذي يحيط بنا. الأشجار تهمس لي بحكمةٍ لم أسمعها في واقعي، والرياح تأخذني معها في رحلة لا تنتهي، كأنما تريد أن تحملني بعيدًا عن كل أثقال الأرض.
كلما زادت جنتي جفافًا، وسدّ ضلعي طريقه أمامي، غُصت أعمق في عالمي هذا. هناك أكون بلا قيود، أجد الحب الذي يتسلل إلى روحي دون أن أطلبه، والاهتمام الذي يأتي في الوقت الذي أحتاجه دون أن أتوسل إليه. في عالمي الموازي، الضلع الأعوج ينثني برفق ليكون جسرًا مستويًا، وجنتي تفتح أبوابها لي بمفاتيح الصبر والحب الذي لا يعرف الخذلان.
أعيش في عالمٍ هو لي وحدي، أهرب إليه كلما شعرت بأنني لا أنتمي إلى حيث أنا. وكأنني بين عالمين، واحدٌ يقسو عليّ بواقعه، وآخر يُغرقني في بحر من الأحلام التي لا تنضب، فأجد فيه ضالتي حينما يخذلني الضلع ويُجافيني الحنان.
مجرد بوح مدونة شخصية
© 2023. All rights reserved.